الوظائف في السعودية 2025- الرياض تتصدر والتوظيف تحديات وفرص

المؤلف: عقل العقل08.24.2025
الوظائف في السعودية 2025- الرياض تتصدر والتوظيف تحديات وفرص

أظهر التقرير الأخير الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، والذي تناول أوضاع سوق العمل السعودي خلال الربع الأول من عام 2025، أن إجمالي عدد الوظائف المتاحة في المملكة قد بلغ 12.798 مليون وظيفة. وتتصدر العاصمة الرياض قائمة المناطق الأكثر استقطابًا للوظائف، حيث تستحوذ على نسبة تقارب 47% من إجمالي الوظائف في المملكة، أي ما يعادل 6.1 مليون وظيفة. وتحتل المنطقة الشرقية المرتبة الثانية بـ 2.4 مليون وظيفة، بينما تحل منطقة مكة المكرمة في المرتبة الثالثة بـ 2.2 مليون وظيفة. من الواضح أن الوظائف تتركز بشكل ملحوظ في المدن الكبرى، وعلى رأسها الرياض، وقد يعزى هذا التركيز إلى عوامل متعددة، لا سيما في ظل رؤية المملكة 2030 التي تركز على تعزيز اقتصاد المدن، خاصة العاصمة الرياض، التي تشهد تنفيذ العديد من المشاريع الضخمة واستضافة الفعاليات الدولية والإقليمية الهامة. يتابع الجميع باهتمام مشاريع وبرامج رؤية السعودية التي تقوم على تنويع مصادر الدخل القومي، وتقليل الاعتماد المفرط على النفط، لما له من تبعات سلبية، مثل تقلبات الأسعار التي تؤثر على استقرار الاقتصاد الوطني. لقد أسهمت البرامج الإصلاحية بشكل كبير في تعزيز مشاركة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد السعودي، مما أدى إلى توفير ملايين فرص العمل للمواطنين السعوديين، وتشير الإحصائيات الحديثة إلى انخفاض ملحوظ في معدلات البطالة المحلية.

ويرى البعض أن تركز الوظائف في المدن الكبرى، كالرياض، يفرض ضغوطًا على البنية التحتية، ويزيد من المشكلات البيئية، والضغط على الخدمات الاجتماعية والصحية. وقد يؤدي ذلك إلى هجرة السكان من المدن الصغيرة والمتوسطة إلى المدن الكبيرة بحثًا عن فرص العمل، وهو أمر شائع في معظم الدول، خاصة في مراحل التنمية وإعادة الهيكلة الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما تشهده المملكة حاليًا في ظل التحولات الاقتصادية الجديدة. نأمل أن يكون هذا الوضع مؤقتًا، وأن يقتصر على مرحلة البناء والتأسيس للمشاريع الكبرى في هذه المدن. تخيلوا معي، ستة ملايين وظيفة في الرياض، من سيشغلها من شباب وشابات الوطن؟ هذا يعني أن أسعار السلع، وخاصة الإيجارات والأراضي، ستستمر في الارتفاع نتيجة للزيادة المطردة في عدد السكان. لا شك أن معظم الشركات والبنية التحتية المتطورة تتركز في هذه المدن الكبرى، مما يجعلها وجهة جاذبة للاستثمار، وهذا ما يفسر وجود ملايين الوظائف في الرياض والمنطقة الشرقية ومنطقة مكة المكرمة.

الأهم في تصوري هو أن الاقتصاد الوطني يخلق هذه الملايين من الوظائف، وأن يتم تطبيق برامج توطين فعالة في مختلف قطاعات الاقتصاد المحلي، حتى نتمكن في المستقبل القريب من الوصول إلى معدلات بطالة قريبة من الصفر. يجب ألا يستحوذ العمال الأجانب على ملايين الوظائف التي يمكن للمواطنين السعوديين المؤهلين شغلها. يجب أن تكون برامج التوطين والتوظيف في القطاع الخاص أكثر جدية وشمولية. أخيرًا، يجب علينا توزيع الأنشطة الاقتصادية في مختلف مناطق المملكة بما يخدم التنمية ويزيد من تنويع الاقتصاد الوطني. على سبيل المثال، قطاع السياحة، على الرغم من عموميته، إلا أن هناك مناطق تتميز بمزايا تنافسية من حيث الطبيعة والمناخ الخلاب. هذه المناطق بحاجة إلى دعم من الجهات الرسمية لتطوير البنية التحتية التي تخدم هذا القطاع. وينطبق الأمر نفسه على الأنشطة الزراعية والصناعية وغيرها. قد تظل العاصمة محور الاهتمام في الاقتصاد المحلي لاعتبارات عديدة، بما في ذلك الفعاليات العالمية التي ستستضيفها في السنوات القادمة، ولكن يجب علينا التفكير في مرحلة ما بعد هذه الفعاليات، ومن حقنا أن نتوقع هجرة معاكسة إلى مناطق مشاريع الرؤية، مثل نيوم والبحر الأحمر وغيرها، بسبب فرص العمل المتاحة هناك، وطبيعة الحياة الأقل صخبًا وضغطًا، والأقل ازدحامًا مروريًا مقارنة بالمدن الكبرى.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة